مصحف الحفاظ
الحمدُ لله الذي علَّم عِبادَه القرآن ، وحثَّ على العمل به في جميع الأماكن والأزمان، وجعلَ تلاوته سببًا في زيادة الإيمان، فمن تمسك به فقد تمسك بالحبل المتين، ومن تعلمه وعلمه فقد نال نصيباً من أعظم أعمال الدين، وإنَّ الله عزَّ وجل يَرْفَعُ بهذا الكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ به آخَرِينَ، والصلاةُ والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين وسلَّمَ تسليماً، وبعدُ:
فلما كان القرآن صاحباً للحافظ في يومه وليلته يتلوه آناء الليل وأطراف النهار، وكان محتاجاً إلى تكرار النظر في مواضع متشابه القرآن ؛ هدانا الله عزَّ وجل إلى جعل كتابنا (الفوائد الحسان في متشابهات القرآن) على هامش المصحف الكريم؛ بحيث يكون قريباً إلى الحافظ حال تلاوته، فيسهلُ عليه استحضاره واستذكاره ويكون صاحباً له في رحلته مع القرآن الكريم.
وهذا من هدايات الله العظيمة لأنّ تكرار النظر يورثُ الحفظ، وأنَّه لا شيء أبلغ في الحفظ من إدامة النظر؛ فجعل المتشابهات على هامش المصحف الكريم بحيث يرجع إليها الحافظ حال قراءته من أكثر ما يعين على حفظها وتثبيتها؛ والحمد لله رب العالمين.
هذا وقد اعتمدنا مصحف المدينة بخطه الجديد، وأضفنا على هامشه متشابهات القرآن الكريم التي يحتاج الحافظ إلى ضبطها حتى لا يخلط بين السور أثناء قراءتها، واخترنا تمييز وضبط المواضع التي عرفنا بالقراءة والتجربة والتعليم أن الحفاظ يحتاجون إلى ضبطها، ووضعنا علامات لذلك تسهلُ معرفة موطن المتشابه، وأردفنا الفوائد الحسان بتأملاتٍ وتدبراتٍ للآيات بحيث يجد في الكتاب ما يعينه على الحفظ والتدبر معاً، ويكون أنيساً له يتنقل بين فائدة حسَنَةٍ، ولطيفةٍ من حصاد التدبر، واعتمدنا في ذلك الاستنباط على عقيدة أهل السنة والجماعة ومنهج سلف الأمة الصالح.
هذا، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ، والحمدُ لله الذي بنعمته تتم الصالحات.